حِرف ومِهن

عين مليلة: حرفة النجارة، إبداع في المائدة الخشبية رغم المخاطر التي تواجه أصحاب المهنة

تعتبر الحرف اليدوية والصناعات التقليدية عن الهوية الجزائرية ،حيث يعتمد الحرفي على مهاراته وخبرته التي اكتسبها،أثناء عمله،باستخدام الخامات الأولية المتوفرة.

ومن هذه المهن المائدة الخشبية التي تميزت بها الجزائر على مدى عقود ،وبتنا نخشى من اندثارها خلال السنوات المقبلة .

من خلال جولتنا الميدانية التي قادتنا بأحد محال بيع الأواني المنزلية بوسط مدينة عين مليلة ،تبين لنا مدى اهتمام النساء الجزائريات بالموائد العصرية والحديثة،حتى وإن كنّ في غنى عنها.

وخلال تواجدنا هناك اقتربنا من إحدى الزبونات والتي كانت تتأمل مطولا في تلك الأواني المنزلية الزجاجية والخزفية الحديثة، أشارت قائلة أنها لم تعد ترغب في اقتناء المائدة الخشبية العتيقة،بعدما استفسرنا منها ! أردفت مضيفة أنها تواكب العصر ،حيث أصبحت العائلات الجزائرية لا تستخدم المائدة الخشبية المستديرة إلا عند الضرورة القصوى،او الحاجة إليها ،رغم أنها قطعة فنية تتميز بالأصالة ، لأن استعمالها اليومي لم يعد كذلك،وتؤكد ذات المتحدثة أنه لا يخلو بيت منها سواء للزينة أو الاحتفاظ .

وأضافت أن رغبة الناس لم تعد كالسابق في اقتناء الموائد المستديرة الخشبية،رغم أنها متينة وتراثية في آن واحد .

وهذا ما جعل محلات النجارة تعرف ركودا في نشاطها ،اذ لم تعد تلقى رواجاً كما كانت عليه في السابق ،فزبائن اليوم قلة وهم إما من المغرمين بالأثاث القديم أو السّيّاح.

يقول سيغة رمزي البالغ من العمر 45 عاما أحد العاملين في صناعة النجارة منذ أكثر من خمس وعشرين سنة ، أنه يواجه أزمة حقيقية ،فهذه الحرفة قد أوشكت على الانتهاء، وأوضح أن قلة عدد العاملين بصفة مستمرة من أبرز المخاطر التي تواجه المهنة،فضلا عن زيادة أسعار المواد الخام وارتفاع أسعار المنتجات الذي أدى إلى عدم الإقبال على الموائد الخشبية .

وأشار ذات المتحدث إلى أن المشكلة تسببت في غلاء أسعار الأثاث بالسوق ما أدى إلى حالة الركود ،مشيرا كذلك إلى انخفاض معدل نشاط محله كثيرا،فيما لم يستبعد أن يقوم بتغيير نشاط محله،في حال استمرار الوضعية الحالية .

وأوضح أن هذه الأخيرة ستسبب عزوف الشباب عن تعلم المهنة نتيجة انخفاض حركة البيع والشراء ،وانه اصلا يواجه أزمة حقيقية في البحث عن صبيان صغار ليقوم بتعليمهم هذه الحرفة التي أوشكت على الانتهاء.

وختم قائلا أن كافة المهن اليدوية في الجزائر تحتاج إلى من يدعمها كما في الدول الأوروبية متمنيا أن يجد من المسؤولين دعما لهذه الصناعات والعاملين عليها،خاصة النجارة و التي تعد موروثا وحرفة تراثية وهوية ثقافية ومورد رزق للعائلات التي تعتاش منه.

مراسَلة : إيمان بوسكين _ عين مليلة_ ولاية أم البواقي


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى